إيليا أبو ماضي شاعر عربي لبناني الأصل، محبًا للطبيعة الخلابة، شغوفًا بالعلم والتعلم، ولعًا بالأدب والشعر منذ صغره، دفعته الحياة إلى التنقل بين العديد من البلدان العربية والغربية اضطرارًا، فأحدث ذلك تنوعًا في أسلوب إيليا أبو ماضي الكتابي، حيث استغل ذلك في إثقال موهبته الشعرية والتعرف على ألوان جديدة من الأدب، كما ساعده ترحاله في التعرف على العديد من الكتاب والصحفيين ذو العالية بين أوساط الأدباء والشعراء، فتعرف على الكاتب والصحفي اللبناني “أنطون جميل” وغيره، أهله ذلك كله لحصد العديد من الجوائز المحلية والدولية
إيليا أبو ماضي
مولده
- ولد إيليا بن ضاهر أبو ماضي عام ألف وثمان مئة وتسع وثمانون في قرية “المحيدثة” بناحية “بكفاية” في المتن الشمالي من بلاد لبنان وهناك تلقى أول تعليمه في مدرسة المحيدثة القابعة في جوار الكنيسة فتلقى فيها بعض الدروس الابتدائية البسيطة.
نشأته
- نشأ إيليا أبو ماضي في أسرة مسيحية بسيطة الحال وَسْط خمسة إخوة هم (مراد ومتري وطانيوس وإبراهيم وأوجيني)، كان والده رجل ريفي بسيط يشتغل في تربية دودة القز ويهتم بأشجار التوت، وبسبب ضيق الحال الذى عاشت يه أسرة “إيليا أبو ماضي” لم يستطع هو أن يكمل تعليمه فغادر المدرسة وهو في سن الحادية عشر سنة.
- تزوج أبو ماضي في الولايات المتحدة الأمريكية من “دوروتي دياب” ابنة “نجيب موسى دياب الناشر والصحفي اللبناني صاحب جريدة مرآة الغرب”، وأنجب منها ثلاثة أولاد هم (ريتشارد، وإدوارد، وروبرت).
سفره إلى مصر
- وبسبب ضيق الحال الذي عانت منه أسرة “إيليا أبو ماضي” في لبنان اضطرت إلى مغادرتها والرحيل إلى جمهورية مصر العربية طلبًا للعمل وكسب المال وكان ذلك في عام ألف وتسع مئة ميلاديًا، فكان يعمل في متجرٍ ملك لعمه نهارًا، ويعكف على مدارسة علم النحو والإعراب والصرف ليلًا، وتناول في الجانب من حياته، قائلًا: “وفي الإسكندرية تعاطيت بيع السجائر في النهار في متجر عمي، وفي الليل كنت أدرس النحو والصرف تارَة على نفسي وتارة في بعض الكتاتيب”.
- التقى هناك بالكاتب والصحفي اللبناني (أنطون جميل منشئ مجلة “الزهور” بالتعاون مع الكاتب والسياسي اللبناني أمين بن سعيد تقي الدين)، أعجب الكاتب أنطون جميل بذكاء واجتهاد إيليا أبو ماضي وطلب منه الانضمام إلى فريق الكتابة بالمجلة فوافق، وهناك نشر أول قصائده الأدبية، ومن بعدها توالى نشر مؤلفاته، وفي عام ألف وتسع مئة وأحد عشر ميلاديًا استطاع أن يجمع أوائل قصائده الشعرية في ديوان واحد أسماه “تذْكار الماضي” ونشره عن المِطْبَعَة المصرية وكان يبلغ من العمر آنذاك اثنان وعشرون عامًا.
- وفي نهايات المدة التي قضاها في مصر اتجه أبو ماضي إلى نظم الشعر في الوضوعات السياسية والوطنية، مما أطلق دائرة النار عليه ولم يسلم من مطاردة السلطات حتى اضطر في النهاية إلى الهجرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية.
سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية
- وفي عام ألف وتسع مئة واثنا عشر ميلاديًا، ترك إيليا أبو ماضي مصر مغادرًا إلى الولايات المتحدة الأمريكية بعد تهديده من قبل السلطات، في البداية استقر في مدينة “سينسيناتي” التابعة لمقاطعة “أوهايو” الأمريكية ومكث فيها مدة أربع سنوات اشتغل بها في التجارة مع أخيه الأكبر “مراد”.
- وفي عام ألف وتسع مئة وستة عشر رحل إلى مدينة “بروكلين” التابعة لمقاطعة “نيويورك” الأمريكية، وهناك شارك في تأسيس الرابطة القلمية بالتعاون مع كلٍ من جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة (وهي جمعية أدبية أسسها المهاجرون من سوريا ولبنان في مدينة نيو يورك الأمريكية في عام ألف وتسع مئة وعشرون).
- ومن بدايات عام ألف وسع مئة وثمان عشر وحتى عام ألف وتسع مئة وثمان وعشرون انضم إلى العمل في تحرير مجلة “مرآة الغرب”.
- وفي عام ألف وتسع مئة وتسع وعشرون من الميلاد أصدر إيليا أبو ماضي مجلة “السمير” التي استمرت في الإنطلاق حتى وفاة مؤسسها عام ألف وتسع مئة وسبع وخمسون، كما المجلة تعد مصدرًا رئيسًا للأدب المهجري وخاصة أدباء المهجر الشمالي وكذلك تعد المصدر الأول لأدب إيليا أبو ماضي شعرًا ونثرًا.
زيارة إيليا أبو ماضي لبنان
- وبعد انقطاع استمر أكثر من سبع وأربعون عامًا وفي عام ألف وتسع ومئة وثمان وأربعين قامت الحكومة اللبنانية بدعوة إيليا أبو ماضي لحضور حفل الأونسكو، فتعاون هو والصحفي اللبناني “حبيب مسعود” في تمثيل مجلة “العصبة”، وهناك شاهد أبو ماضي استقبالًا حارًا وتكريم من الشعب اللباني، وقد كرمته الحكومة اللبنانية فمنحته وسام “الأرز”، ووسام “الاستحقاق”.
زيارته لسوريا
- وفي عام ألف وتسع مئة وتسع وأربعون أقامت له الحكومة السورية العديد من حفلات التكريم في مدينة دمشق السورية، وقد كرمه “هاشم الأتاسي” الرئيس السوري آنذاك بمنحه وسام الاستحقاق الممتاز.
أسلوبه
- في بداية مسيرته الأدبية اعتمد أبو ماضي في أسلوبه على لون “القصيدة العمودية” كمعظم الأدباء قبله، ولكنه عندما غادر إلى الولايات المتحدة الأمريكية غير من أسلوبه بشكل كبير، فأصبح الطابع الإنساني يغلب على معظم شعره.
- كانت الفلسفة العامة لمؤلفاته تعتمد على الواقعية التامة، كما يغلب على أسلوبه شعور التفاؤل والتشبث بالحياة وحب الطبيعة وأيضًا حب الوطن والحنين إليه، فكان يبرز عواطفه في رسم الحياة الاجتماعية بصور بديعة يمتزج فيها الخيال الإبداعي مع الواقعية الجمالية.
مؤلفاته
اشتغل أبو ماضي بالأدب والصحافة، فترك أدبًا غزيرًا، ومن أشهر دواوينه:
- الخمائل.
- تبر وتراب.
- الجداول.
- ديوان إيليا أبو ماضي.
- تَذْكار الماضي.
من قصائده
- قصيدة المساء، ومطلعها:
السُحُبُ تَركُضُ في الفَضاءِ رَكضَ الخائِفين ∴ وَالشَمسُ تَبدو خَلفَها صَفراءَ عاصِبَةَ الجَبين
وَالبَحرُ ساجٍ صامِتٌ فيهِ خُشوعُ الزاهِدين ∴ لَكِنَّما عَيناكِ باهِتَتانِ في الأُفقِ البَعيد
سَلمى بِماذا تُفَكِّرين ∴ سَلمى بِماذا تحلُمين
أَرَأَيتِ أَحلامَ الطُفولَةِ تَختَفي خَلفَ التُخوم ∴ أَم أَبصَرَت عَيناكِ أَشباحَ الكُهولَةِ في الغُيوم
أَم خِفتِ أَن يَأتي الدُجى الجاني وَلا تَأتي النُجوم ∴ أَنا لا أَرى ما تَلمَحينَ مِنَ المَشاهِدِ إِنَّما
أَظلالُها في ناظِرَيكِ ∴ تَنِمُّ يا سَلمى عَلَيكِ
إِنّي أَراكِ كَسائِحٍ فيم القَفرِ ضَلَّ عَنِ الطَريق ∴ يَرجو صَديقاً في الفَلاةِ وَأَينَ في القَفرِ صَديق
يَهوى البُروقَ وَضَوأَها وَيَخافُ تَخدَعُهُ البُروق ∴ بَل أَنتِ أَعظَمُ حيرَةً مِن فارِسٍ تَحتَ القَتام
لا يَستَطيعُ الاِنتِصار ∴ وَلا يَطيقُ الاِنكِسار
هَذي الهَواجِسُ لَم تَكُن مَرسومَةً في مُقلَتَيكِ ∴ فَلَقَد رَأَيتُكِ في الضُحى وَرَأَيتُهُ في وَجنَتَيكِ
- قصيدة فلسفة الحياة، ومطلعها:
أَيُّهَذا الشاكي وَما بِكَ داءٌ ∴ كَيفَ تَغدو إِذا غَدَوتَ عَليلا
إِنَّ شَرَّ الجُناةِ في الأَرضِ نَفسٌ ∴ تَتَوَقّى قَبلَ الرَحيلِ الرَحيلا
وَتَرى الشَوكَ في الوُرودِ وَتَعمى ∴ أَن تَرى فَوقَها النَدى إِكليلا
هُوَ عِبءٌ عَلى الحَياةِ ثَقيلٌ ∴ مَن يَظُنُّ الحَياةَ عِبءً ثَقيلا
وَالَّذي نَفسُهُ بِغَيرِ جَمالٍ ∴ لا يَرى في الوُجودِ شَيئاً جَميلا
لَيسَ أَشقى مِمَّن يَرى العَيشَ مُرّاً ∴ وَيَظُنُّ اللَذاتِ فيهِ فُضولا
أَحكَمُ الناسِ في الحَياةِ أُناسٌ ∴ عَلَّلوها فَأَحسَنوا التَعليلا
- قصيدة الغابة المفقودة.
- قصيدة ابتسم.
- أُخْتُ لَيْلَى
- أَقْوَى مِنَ الشَّيْبِ وَالْهَرَمِ
- أَنَا إِمَامُ الَّذِينَ هَامُوا
- أَيْنَ عَصْرُ الصِّبَا
- مَنِ اشْتَهَى الْخَمْرَ فَلْيَزْرَعْ دَوَالِبَهَا
- كُنْ بَلْسَمًا
- يَا أُنْشُودَتِي انْطَلِقِي
- هَدِيَّةُ الْعِيدِ
- أَبُو غَازِي
- فَلْسَفَةُ الْحَيَاةِ
- الدَّمْعَةُ الْخَرْسَاءُ
- الْحَاجَةُ إِلَى الْخَرَسِ
- التِّينَةُ الْحَمْقَاءُ
- الْإِنْسَانُ وَالدِّينُ
- الْفِرْدَوْسُ الضَّائِعُ
- الْفَرَاشَةُ الْمُحْتَضَرَةُ
- الشَّاعِرُ فِي السَّمَاءِ
- إِلَى الشَّبَابِ الْمُتَفَرْنِجِينَ
- الْكَمَنْجَةُ الْمُحَطَّمَةُ
- لَمْ يَبْقَ غَيْرُ الْكَاسِ
- مَصْرَعُ حَبِيبَيْنِ
- مَسْرَحُ الْعُشَّاقِ
- مَتَى يَذْكُرُ الْوَطَنَ النُّوَّمُ
- مَا الْكَوَاكِبُ
- لَيْسَ السِّرُّ فِي السَّنَوَاتِ
- أَنَا وَأُخْتُ الْمَهَاةِ وَالْقَمَرِ
- رُوحِي فِدَاكَ
- أُمَّةٌ تَفْنَى وَأَنْتُمْ تَلْعَبُونَ
وفاته
توفي الشاعر اللبناني إيليا أبو ماضي في يوم الثالث والعشرين من شهر نوفمبر لعام ألف وتسع مئة وسبع وخمسين من الميلاد في مدينة نيو يورك الأمريكية من جرّاءِ إصابته بنوبة قلبية توفي على إثرها.
وختامًا، تناولنا في هذا المقال الحديث عن الشاعر اللبناني “إيليا أبو ماضي”، في بداية المقال تناولنا عرض مولد الشاعر ونشأته، ثم انتقلنا للحديث عن سفره من بلده لبنان إلى مصر ومننها إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ثم انتقلنا للحديث عن أسلوبه الكتابي، مرورًا بذكر بعض مؤلفاته وقصائده، وفي النهاية وفاته.
اقرأ أيضًا: