يعتبر ابن بطوطة من أعظم الرحالة المسلمين وأشهرهم، اتسمت شخصية ابن بطوطة بعدة سمات من أبرزها تفقهه في الدين، فقد حجَّ ست حجات، كما زار شتى الأماكن المقدسة في مكة والمدينة والقدس، عدة مرات، كما اتسم ابن بطوطة باحترامه وتعظيمه وحبه للأتقياء والصالحين والعلماء.
ابن بطوطة
- مولده: ولد ابن بطوطة يوم الإثنين الموافق السابع عشر من شهر رجب سنة 703هـ (24 من شهر فبراير 1304م).
- اسمه: محمد بن عبد الله بن محمد بن إبراهيم اللواتي الطنجي.
- كنيته: “أبا عبد الله”، ويكنى أيضًا “ابن بطوطة”، وكان يعرف في البلاد الشرقية بـ”شمس الدين”، وفي الهند يدعونه “بدر الدين”.
ابن بطوطة (حياته)
- نشأ “ابن بطوطة” نشأة دينية، حيث كان أبوه شيخًا فقيهًا من أواسط الناس في طنجه، وتلك التربية الدينية كانت من العوامل الساسية التي دفعته للقيام بالعديد من الرحلات العظيمة، وجعلته في مصاف الرحالة العظام.
- ولد “ابن بطوطة” لأسرة تولى كثير من أفرادها القضاء، ولذلك تعهده والده بالرعاية، وعملا على تعليمه، ليتهيأ لتولي القضاء كما تولاه غيره من أفراد أسرته.
- حصل ابن بطوطة على ما تيسر له من العلم في مسقط رأسه بمدينة طنجة وتعلم شيئًا من علوم الدين والفقه، لا سيما ما يتعلق بالفقه المالكي السائد بشمال أفريقيا.
- في الواحد والعشرين من عمره، أراد ابن بطوطة أن يبدأ رحلته، وكان السفر بهدف حج بيت الله الحرام.
- في الثانية والعشرين من عمره، وفي بلاد الهند سُئل عمن يصلح للوزارة أو الكتابة أو الإمارة أو القضاء أو التدريس أو المشيخة حيث أجاب “أما الوزارة والكتابة فليست شغلي، وأما القضاء والمشيخة فشغلي وشغل آبائي”.
- تولى “ابن بطوطة” قضاء مدينة دلهي وكان مرتبه اثنى عشر ألف دينار في السنة، بالإضافة إلى العديد من العطايا الثمينة، وكان قضاء “ابن بطوطة” وفقًا لمذهب مالك على الرغم من أن القضاء في بلاد الهند كان على مذهب الحنفية.
رحلات ومغامرات أمير الرحالة العرب حول العالم (ابن بطوطه)
- استغرقت رحلات ابن بطوطة تقريبًا تسعة وعشرين سنة ونصف السنة، وقد بدأت في يوم الخميس 2 من رجب عام 725 هـ، وانتهت بوصوله إلى مدينة “فاس” عاصمة السلطان أبي عنان المريني في أواخر ذي الحجة عام 754 هـ، قد قام خلالها بزيارة فيها كل بلاد العالم المعروفة في عصره، وطوف فيها بقارتي إفريقية وآسية وجزء من قارة أوروبا، فقد جاب فيها المغرب العربي، أقصاه (المغرب، وموريتانيَا)، وأوسطه (الجزائر)، وأدناه (تونس) كما زار، ليبيا وزار مصر بدءًا بالإسكندرية، ومرورًا بشمال الدلتا، ووسطها حتى وصل القاهرة، وزار صعيد مصر، واتجه إلى ساحل البحر الأحمر منتهيًا إلى ميناء عيذاب.
- ثم رجع إلى القاهرة ومنها اتجه إلى صحراء مصر الشرقية، فسيناء، ودخل فلسطين فزار أهم مدنها، ثم توجه لزيارة بيروت وسهل البقاع، وطرابلس، وجبل لبنان، وبعلبك، وزار مدينة دمشق، وحمص، وحماة، ومعرة النعمان، وحلب، كما زار الساحل السوري، ومدنه، وحصون الإسماعيلية.
- ومن دمشق اتجه إلى الحجاز مرورًا بالأردن وقام بتأدية فريضة الحج في موسم عام 726 هـ، ثم قام بمغادرة الحجاز إلى بلاد العراق حيث زار مدائنها الهامة مثل: الكوفة والبصرة وبغداد، وتكريت والموصل، وخرج إلى الحجاز مرة ثانية مع الركب العراقي، فحج للمرة الثانية سنة 726 هـ، وجاور بمكة عام 728 هـ، وأدى مناسك الحج للمرة الثالثة.
- كما جاور عام 729 هـ، وأدى مناسك الحج للمرة الرابعة، وجاور كذلك عام 730 هـ وفي الموسم وقعت فتنة تحدث عنها، وذكر أنه خرج في تلك الأيام من مكة قاصدًا بلاد اليمن، ويفهم من كلامه أنه لم يحج عام 730 هـ.
- ومن جدة أبحر في البحر الأحمر مرورًا بشواطىء السودان، ثم قام بزيارة اليمن ومنه انتقل إلى شرق أفريقيا، فزار الصومال وكينيا، و تانزانيا، وعاد إلى جزيرة العرب، فزار ظفار في اليمن الجنوبي، ومدن عمان، ومن سلطنة عمان توجه إلى إيران، ثم عبر الخليج، وزار البحرين، والقطيف، والحسا، واليهامة بالمملكة العربية السعودية.
- وتوجه إلى مكة، فحج للمرة الخامسة في موسم عام 733 هـ، ومن مكة رحل إلى جدة ليركب منها البحر إلى اليمن، متجهًا إلى بلاد الهند، لكن لم تتيسر له تلك الرحلة، وكأنما أراد الله أن يتوجه إلى الهند عن طريق آخر، ليتسنى له زيارة بلدان أخرى، ليطرف قارئي الرحلة بأوصافها، وأخبارها، فاجتاز البحر الأحمر من جدة إلى عيذاب، متوجهًا إلى القاهرة، ثم بلاد الشام، فزار غزة، والخليل، وبيت المقدس، والرملة، وعكا، وطرابلس وجبلة، واللاذقية.
- ومن اللاذقية يمم شطر آسيا الصغرى (تركيا) فزار مدنها، وطاف جميع أنحائها، وزار بعد ذلك مدينة القرم، (في جنوبَ روسيا)، كما زار مدينة السرا عاصمة ملك السلطان محمد أوزبك، وزار مدينة بلغار (وكان موقعها في جنوب مدينة قازان قريبًا من الشاطئ الشرقي لنهر الفولغا).
- وقد حاول بعد وصوله إلى بلغار أن يزور أرض الظُّلمة (ويقصد بتلك التسمية : المناطق في شمال قارة آسيا، أي مناطق سيبيريا وما يتصل بها)، وحين لم يتيسر له ذلك عاد من بلغار إلى مدينة الحاج ترخان (استراخان حاليًا).
- ثم رحل إلى القسطنطينية، فزارها وعاد منها إلى جبال القوقاز، ومنها يمم شطر آسيا الوسطى، فزار المناطق الإسلامية التي تقع الآن ضمن حدود الاتحاد السوفييتي، و من مدن تلك المناطق التي زارها، خوارزم، وبخاری، وسمرقند، ونسف، وترمذ، ومن ترمذ توجه لزيارة مدن خراسان (خراسان الآن أفغانستان)، هي وشرقي إيران فزار بلخ وهزاه، والجام، وطوس، و سرخس، ونیسابور، وبسطام، ثم توجه إلى كابل، وغزنه، ثم إلى بلاد الهند، حيث أقام ما يقدر بتسعة أعوام تقريبًا.
- ثم أرسله سلطان الهند “محمد شاه” سفيرًا عنه لتبليغ رسالة منه إلى ملك الصين، وفي طريقه من دهلي عاصمة الهند إلى بلاد الصين زار مدن وسط الهند.
- ومن قالقوط (مدينة وسط الهند) أبحر لزيارة جزائر ذيبة المهل (جزر المالديف حاليًا)، وقد أقام في هذه الجزر، وتزوج، وأكره على تولي القضاء، وبقي في وظيفة القضاء مدة عام ونصف العام.
- وغادر جزر المالديف إلى جزيرة سرنديب (سيلان، وهي الآن جمهورية سري لانكا)، فزارها، وزار سواحل المعبر بالهند، وعاد إلى ساحل المليبار، فزاره مرة ثانية، ومنه إلى جزائر ذيبة المهل، ومنها رحل إلى بنجالة (بنجلادش)، وجبال كـامـرو (ولاية أمام الهندية حاليًا)، وذهب بعد ذلك فزار بلاد البرهنكار (بورما)، ومنها توجه إلى بلاد الجاوة (إندونيسيا حاليًا)، وقد أطلق عليها اسم أكبر جزرها، وهي جزيرة جاوة، وكانت عاصمة الجزر في جزيرة سومطرة، وكانوا يطلقون عليها : (جاوة الصغرى).
- ومن بلاد الجاوة انتقل إلى مل جاوة (شبه جزيرة الملايو، وهي جزء من جمهورية ماليزيا الآن)، ثم رحل إلى الصين فزار في جنوبها مدن الزيتون (شوان شوفو) وصين كلان، وقنجنفو، والخنسا (هانك شو)، ومنها توجه إلى بلاد الخطا (شمال الصين)، فوصل العاصمة خان بالق (تسمى أيضًا: خانقو وهي مدينة بكين حاليًا)، ولما وصل إليها لم يتمكن من القيام بسفارته، لخروج ملك الصين لقتال ابن عمه الخارج عليه، وانتهى القتال بمقتل الملك، وتولى ابن عمه الملك، وقد اتخذ له عاصمة جديدة، فشبت الفتن ضده، وعاد ابن بطوطة أدراجه دون أن يؤدي رسالته بناء على نصيحة بعض المخلصين له، فارتحل من الصين إلى سومطرة، ومنها إلى مدينة كولم بساحل المليبار، ثم إلى قالقوط.
- وفي قانقوط نظر ابن بطوطة في أمره فخشي أن يغضب عليه سلطان الهند إن عاد إليه، ولم يقم بسفارته، فقرر أن يعود إلى بلده في المغرب العربي، فأبحر في المحيط الهندي من قالقوط، فوصل ظفار في شهر المحرم سنة 748، ومن ظفار اتجه إلى مسقط، والقربات في سلطنة عمان، ومنهما إلى هرمز بإيران، ومنها إلى البصرة، ثم الكوفة، ثم الحلة، وبغداد، ومن بغداد توجه إلى الأنبار قاصدًا بلاد الشام مارًا بهيت، والحديثة، وعانة، والرحبة، والسخنة، وتدمر، ووصل دمشق و كان مغيبه عنها ـ كما ذكر – عشرين سنة كاملة.
- ومن دمشق انتقل إلى حمص فحماة، ثم معرة النعمان، وحلب، وعاد ثانية إلى حمص، فدمشق، ومنها إلى عجلون (الأردن)، فبيت المقدس، والخليل، ثم غزة ومن غزة سافر بالبر إلى دمياط، ثم فارسكور، فسمنود، وأبي صير، فالمحلة الكبرى، وإبيار، ودمنهور، ووصل الإسكندرية، فزارها لثاني مرة، وعاد منها إلى القاهرة، واجتاز مدن الصعيد حتى وصل عيذاب فاجتاز البحر الأحمر منها إلى جدة، وذهب إلى مكة المكرمة حيث حج للمرة السادسة والأخيرة، في موسم سنة 749 هـ، ومن مكة توجه إلى مدينة الرسول عليه الصلاة والسلام، فنعم بالزيارة، وغادرها إلى تبوك، قبيت المقدس، فالخليل، ثم غزة، ومن غزة اجتاز سيناء، وصحراء مصر الشرقية إلى القاهرة.
- وفي القاهرة علم بتولي أبي عنان فارس السلطنة في الدولة المرينية، فشد رحاله للقياه، فغادر الإسكندرية بحرًا في صفر سنة 750 هـ، ووصل جربة، ومنها إلى قابس فصفاقس، فبليانة، ومنها سافر إلى قابس فصفاقس، فبليانة، ومنها سافر بالبر إلى تونس وأبحر منها إلى جزيرة سردينية، ومن سردينية توجه إلى تنس، فمازونة، فمستغانم، فتلمسان، فتازي، ووصل في أواخر شعبان سنة 750 هـ إلى فاس.
- وبعد إقامته زمنًا في فاس توجه إلى مدينة طنجة مسقط رأسه، ومنها إلى سبتة حيث عبر بحر العدوة، وزار جبل الفتح (جبل طارق) ورندة، ومربلة، وسهيل ومالقة وبلش، ثم غرناطة، وارتحل من الأندلس عائدًا مرة ثانية إلى المغرب، فوصل سبتة، ومنها إلى أصيلا، فسلا، فمدينة مراكش، ووصل إلى فاس، ومن فاس انطلق مسافرًا إلى بلاد السودان، فوصل سجلماسة، ومنها إلى تغازي (في جمهورية مالي)، ثم ايوالاتن (في جمهورية موريتانيَا)، ثم إلى مدينة مالي)، وقد أقام بها سنة واحدة وسبعة شهور تقريبًا، وغادرها في ۲۲ من المحرم سنة 754 هـ، وقصد بعد مغادرتها ميمة، فتنبكتو، فكوكو، ومن كوكو إلى مدينة تكدا (في جمهورية النيجر)، ومنها إلى بلاد قبيلة بردامة البربرية، ثم إلى بلاد الهكار وهم من البربر، واتجه إلى سجلماسة، ومنها رحل إلى مدينة فاس فوصلها في أواخر ذي الحجة سنة 754 هـ، وكانت عودته إجابة لأمر السلطان أبي عنان الذي وصل إليه وهو في تكدا.
وقد أقام ابن بطوطة، العديد من الرحلات، التي لولا قيامه بتلك الرحلات لما تعرفنا أخبار السلف في مختلف دول العالم.
أشهر عبارات ابن بطوطة
- من يعيش يرى، ومن يسافر يرى أكثر.
- السفر يتركك عاجزًا عن الكلام، ثم يحولك إلى راوي قصص.
- السفر يمنحك المنزل في آلاف الأماكن الغريبة، ثم يتركك غريبًا في أرضك.
وفاة ابن بطوطة
- عاد ابن بطوطة إلى المغرب سنة 754 هجريًا، وسرد كل تفاصيل رحلاته في كتابه “تُحفة النُّظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار”.
- بعد عودته إلى المغرب عمل بالقضاء لفترة، ثم توفى في عام 1377 ميلاديًا (779هـ).
وإلى هنا يصل ختام حديثنا عن الرحالة ابن بطوطة بعد أن تناولنا جانبًا من حياته، وتطلعنا إلى العديد من رحلاته.
اقرأ أيضًا: