تعتبر ظاهرة التنمر الإلكتروني شكل من أشكال العنف الحديث نوعًا ما، المتفشي في جميع المجتمعات وفي مختلف الأوساط والبلدان سواءً كانت متقدمة أو نامية، فمع تطور عصر التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، التي تمكن الأفراد من الوصول إلى المعلومات وتبادلها، والتعبير عن أنفسهم بحرية، واكتشاف هويتهم، والترفيه عن أنفسهم، والتحدث بلا خوف مع الآخرين، والتفاعل معهم، فعلى الرغم من أن هذه التقنيات توفر بعض الفرص التي يُعتقد أنها تسهل حياتنا، إلا أنها أدخلت أيضًا مواقف سلبية مختلفة في حياتنا، ومن أهم هذه المواقف التنمر الإلكتروني للأفراد على وسائل التواصل الاجتماعي، في حين أن سلوك التنمر الإلكتروني يشبه سلوك التنمر الشائع، إلا أنه يتم بشكل منهجي من خلال تقنيات المعلومات والاتصالات.

مفهوم التنمر الإلكتروني

في السنوات الأخيرة، أثارت عملية التنمر عبر الإنترنت اهتمامًا كبيرًا، وحيث أن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أصبحت جزء لا يتجزأ من حياتنا اليومية بسبب إسهاماتها الإيجابية في العديد من مجالات حياتنا، ومع هذا الاستخدام المتزايد للتكنولوجيا انتشرت  ظاهرة التنمر الإلكتروني الذي يمكن تعريفه على أنه:

  • الاستخدام المتكرر والمتعمد لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات لإيذاء الفرد عن قصد ومضايقته وإحراجه.
  • كما يمكن تعريفه على أنه الاستخدام المتعمد لأدوات الاتصال الإلكتروني بهدف إلحاق الضرر بشخص أو مجموعة من الأشخاص.
  • فالتنمر الإلكتروني سلوك يقوم به فرد أو مجموعة من الأفراد يتم من خلال الإنترنت أو وسائل الإعلام الإلكترونية أو الرقمية، من خلال الاتصال الذي يتضمن رسائل عدائية أو عدوانية، بهدف إلحاق الأذى بالآخرين.

أشكال التنمر الإلكتروني

يتخذ التنمر الإلكتروني أشكالًا مختلفة، من أبرزها:

  1. إفشاء الأسرار
    • من خلال نشر أخبار أو صور أو أسرار شخص ما أو معلومات محرجة عبر الإنترنت.
  2. انتحال الشخصية عبر مواقع التواصل
    • وذلك عن طريق تظاهر المتنمر بأنه شخص آخر ويقوم بإرسال أو نشر المواد الإلكترونية لجعل شخص ما في خطر يهدد سمعته.
  3. المخادع
    • وذلك من خلال تحدث المتنمر الإلكتروني مع شخص ما في الكشف عن أسرار أو معلومات محرجة، ومن ثم يقوم المتنمر الإلكتروني بإعادة توجيه الرسائل إلى العديد من الأصدقاء وانتشارها عبر وسائل التواصل.
  4. الاستبعاد
    • ويتم ذلك عن طريق القيام بالاستبعاد المتعمد والمقصود لشخص ما من نشاط أو مجموعة إلكترونية دون وجود مبررات.
  5. المضايقة الإلكترونية
    • وذلك من خلال القيام بتهديدات تخلق خوف كبير لشخص ما، وذلك من خلال القيام باختراق الحساب الشخصي لفرد معين والتطفل عليه، ومن ثم القيام بمحادثة أصدقاء ذلك الشخص والإساءة لهم.
  6. المضايقة
    • وذلك من خلال القيام بإرسال رسائل تهين فرد معين عبر البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل  الأخرى.
  7. تشويه السمعة
    • من خلال إرسال أو نشر الشائعات حول شخص معين بهدف تشويه سمعته.

أسباب التنمر الإلكتروني

يقوم المتنمر بهذا السلوك بدافع إحدى الأسباب التالية:

  1. الغيرة والحقد من الطرف الآخر.
  2. محاولة المتنمر تغطية جانب الضعف لديه.
  3. محاولة خروج المتنمر من إحباط وقع به.
  4. شعور المتنمر بالرغبة في السيطرة على الطرف الآخر.
  5. من الممكن أن يكون المتنمر ضحية للتنمر من قبل شخص آخر.

الآثار الناجمة عن التنمر الإلكتروني

يؤثر التنمر الإلكتروني على الطرفين الضحية والمتنمر نفسه، حيث يؤدي التنمر إلى:

  • بالنسبة للضحية
    • يؤدي التنمر إلى شعور الضحايا بحالة من الضيق والارتباك، مما يفقدهم الاحترام والشعور بالقلق وعدم الأمان.
    • صعوبة تكوين صداقات.
    • عدم الثقة والتقليل من قد أنفسهم.
    • لجوء الضحية للسلوك العدواني نتيجة للتنمر، مما قد يؤدي إلى التحول لشخص عنيف أو متنمر.
    • قد يؤدي التنمر المستمر إلى الإدمان وإيذاء النفس أو إلى الانتحار.
  • بالنسبة للمتنمر
    • يؤثر التنمر أيضًا على المتنمر نفسه فقد يؤدي إلى تعاطي المخدرات.
    • وأيضًا السرقة والاعتداء على الآخرين.
    • التورط في أعمال إجرامية ومخالفات قانونية.

استراتيجيات مواجهة التنمر الإلكتروني

لابد من اتخاذ مجموعة من الإجراءات التي تحد من التنمر الإلكتروني، حيث يمكن التصدي لمثل هذه الظواهر كالتالي:

  1. ينبغي المراقبة الشديدة لمثل هذا السلوك والتصدي له من قبل فريق مسئول.
  2. ضرورة إعطاء ضحايا التنمر نصائح بكيفية التصرف الملائم من خلال تكوين فريق داعم لضحايا التنمر.
  3. يجب التوعية بالشواهد التي يمكنها التنبؤ بوقوع ضحايا التنمر.
  4. التوعية أيضًا بأن التنمر قد يحدث في صورة تحريض وإجبار على ممارسة سلوكيات غير مقبولة.
  5. ينبغي وضع تعليمات مكتوبة للتحذير من سلوكيات التنمر مع توضيح عقوبتها.
  6. إرشاد ضحايا التنمر وأسرهم باتباع بعض الإجراءات، مثل:
    • عدم حذف رسائل التنمر الإلكتروني.
    • تقديم رسائل التنمر للمسئولين للتحقيق.
    • القيام بحظر الشخص القائم بالتنمر.
    • القيام بالإبلاغ الإلكتروني.
    • الإبلاغ القانوني والرسمي.
    • استشارة خبير نفسي حول الاضطرابات التي يصاب بها ضحايا التنمر.
  7. لابد من إنتاج حملات إعلامية لمكافحة الظاهرة لما لها من قدرة تأثير مرتفعة على الصغار.
  8. يجب تفعيل “مقرر إجباري حول آداب التعامل” يُشترط اجتيازه قبل الانتقال لأي مرحلة دراسية، وقبل الانتقال للجامعة ويُشترط اجتيازه أيضًا قبل التخرج من الجامعة.
  9. مساعدة المتعرضين للتنمر في التخلص من الآثار السلبية من خلال إقامة دورات تحسينية وإرشادية.
  10. يجب إنشاء هيئات تختص بوضع العقوبات على ممارسي التنمر، وسن وتفعيل القوانين الرادعة له.
  11. يجب تفعيل جميع التطبيقات آليات لمنع التنمر مثلما فعل موقع “انستجرام” الذي منع التعليقات السيئة وإرسال تحذيرات للمتنمرين.

عقوبة والإبلاغ عن التنمر

  • قامت دار الإفتاء المصرية بالتعليق على التنمر بكافة صوره، مؤكدة أنه يمثل خطورة على الأمن المجتمعي، فهو تصرف مذموم شرعًا ومجرم قانونًا، هذا بالإضافة إلى أنه محرم شرعًا حيث أنه يهدف إلى إلحاق الضرر المتعمد بالإنسان، مستبدلة بذلك قوله تعالى “وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا” (الأحزاب الأية 58).
  • يمكن للمتعرضين للتنمر إرسال الشكوى الخاصة بالتعرض للتنمر من خلال تطبيق الواتساب على الرقم التالي: 01102121600.
  • كما يمكن الاتصال بخط نجدة الطفل في حالة تعرض الطفل للتنمر من خلال الرقم التالي: 16000.
  • أصبحت عقوبة المتنمر الحبس من سنة إلى 5 سنوات، والغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف، أو بإحدى هاتين العقوبتين.
  • كما شددت إحدى مواد القانون العقوبة لتصبح مدة الحبس لا تقل عن سنتين، والغرامة لا تقل عن 100 ألف وحتى 200 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين.

وإلى هنا نكون قد انتهينا من حديثنا عن ظاهرة التنمر الإلكتروني ولكن القضية لم تنتهي بعد فينبغي على المسئولين حماية الضحايا من جميع الفئات العمرية، وذلك بإصدار قوانين تكافح الجرائم والمشكلات التي تحدث ضمن نطاق الإنترنت.

اقرأ أيضًا:

Leave a Comment