الصحابي الجليل الزبير بن العوام حواري رسول الله ﷺ، وأحد أصحاب رسولنا محمد ﷺ، وأول من سلَّ سيفه في سبيل الله، ومن العشرة الذين بشرهم الرسول الكريم ﷺ بالجنة، وأحد أصحاب الشورى الذين استخلفهم عمر رضي الله عنه، اشتهر منذ صغره بالشجاعة والقوة، وكانت ميزته هذه لخدمة الإسلام والجهاد في سبيل الله، فلم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله ﷺ.
الزبير بن العوام (اسمه ونسبه)
- هو الزبير بن العوام بن خُويلد بن أسد بن عبد العُزى بن قُصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي القرشي الأسدي.
- أمه، صفية بنت عبد المطلب، عمة رسول الله ﷺ، فهو ابن عمة رسول الله ﷺ، وابن أخي خديجة بنت خويلد زوج سول الله ﷺ.
- تزوج الزبير بن العوام ست نسوة، ورزقه الله من الأولاد عشرين، أحد عشر من الذكور، وتسع من الإناث.
إسلام الزبير بن العوام
- أسلم الزبير بن العوام في السادسة عشرة من عمره.
- كان عم الزبير يعلقه ويدخن عليه النار، وهو يقول له: ارجع إلى دين الآباء والأجداد، فيقول الزبير: لا أكفر أبدًا.
مناقب الزبير بن العوام
- من أهم مناقب الزبير العظيمة شهادة رسول الله ﷺ له بالجنة.
- وشهد النبي ﷺ بأنه سيلقي ربه شهيدًا، فعن أبي هريرة أن رسول الله ﷺ كان على جبل حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة، فقال رسول الله ﷺ اهدأ فما عليك إلا نبيٌّ أو صديقٌ أو شهيدٌ.
- عن عُروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت لعروة يا ابن أختي كان أبواك منهم الزبير وأبو بكر لما أصاب رسول الله ﷺ ما أصاب يوم أحد وانصف عنه المشركون خاف أن يرجعوا قال من يذهب في إثرهم فانتدب منهم سبعون رجلًا قال كان فيهم أبو بكر والزبير.
- كان الزبير بن العوام أحد الستة أصحاب الشورى، الذين توفى عنهم رسول الله ﷺ وهو راضٍ قال عمر بن الخطاب: والله لوددت أني خرجت منها كفافًا، لا عليَّ، ولا لي وأن صحبة رسول الله ﷺ سلمت لي، ولو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد.
- عن جابر بن عبد الله، رضي الله عنهما، قال: فال رسول الله ﷺ يوم الأحزاب: “من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: من يأتينا بخبر القوم؟ فقال الزبير: أنا، ثم قال: من يأتينا بخب القوم؟ فقال الزبير: أنا. ثم قال: إن لكل نبي حواري وإن حواري الزبير”.
- عن هشام بن عروة أن غلامًا مر بعبد الله بن عمر فسئل من هو؟ فقال: ابن حواري رسول الله ﷺ فقال ابن عمر إن كنت من ولد الزبير، وإلا فلا قال: فسُئل: هل كان أحدٌ يُقال له حواري رسول الله ﷺ غير الزبير؟ قال: لا أعلمه.
- من مناقبه أيضًا رضي الله عنه رغبة عثمان بن عفان في استخلافه، فعن عبد الله بن الزبير قال أخبرني مروان بن الحكم قال: أصاب عثمان بن عفان رُعاف شديد سنة الرعاف حتى حبسه عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش قال استخلف قال وقالوه قال نعم قال ومن فسكت فدخل عليه رجلٌ آخر أحسبه الحارث فقال استخلف فقال عثمان وقالوا فقال نعم قال ومن هو فسكت قال فلعلهم قالوا الزبير قال: نعم قال: أما وَالَّذي نفسي بيده إنه لخيرهم ما علمت وإن كان لأحبهم إلى رسول الله ﷺ.
جهاد الزبير بن العوام
- قال سعيد بن المسيب: أول من سلَّ سيفًا في سبيل الله الزبير بن العوام وكان عمره اثنتا عشرة سنة، بينما هو بمكة إذ سمع صوتًا أن النبي ﷺ قد قُتل، فخرج وفي يده السيف صلتًا فتلقاه النبي ﷺ فقال له: مالك يا زبير؟ قال: سمعت أنك قد قُتلت قال: كنت صانعًا؟ قال: أردت والله أن أستعرض أهل مكة قال: فدعا له النبي ﷺ.
- هاجر الزبير بن العوام إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا، ثم إلى المدينة، ولم يتخلف عن غزوة غزاها رسول الله ﷺ، قال عروة بن الزبير: كانت على الزبير عمامة صفراء معتجرًا بها يوم بدر فقال النبي ﷺ: إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير.
- عن هشام بن عروة عن أبيه قال: قال الزبير: لقيت يوم بدر عُبيدة بن سعيد بن العاص وهو مدجج لا يُرى منه إلا عيناه وهو يكني أبو ذات الكرش فقال أنا أبو ذات الكرش فحملت عليه بالعنزة أي الحرْبة فطعنته في عينه فمات قال هشام فأخبرت أن الزبير قال لقد وضعت رجلي عليه ثم تمطأت فكان الجهد أن نزعتها وقد انثنى طرفاها قال عروة فسأله إياها رسول الله ﷺ أخذها ثم طلبها أبو بكر فأعطاه فلما قبض أبو بكر سألها إياه عمر فأعطاه إياها فلما قبض عمر أخذها ثم طلبها عثمان منه فأعطاه إياها فلما قُتل عثمان وقعت عند آل علي فطلبها عبد الله بن الزبير فكانت عنده حتى قُتل.
- عن عُروة بن الزبير أن أصحاب النبي ﷺ قالوا للزبير يوم اليرموك: ألا تشد أي تهجم على العدو فنشد معك، فحمل عليهم فضربوه ضربتين على عاتقه بينهما ضربة ضربها يوم بدرر قال عروة فكنت أدخل أصابعي في تلك الضربات ألعب وأنا صغير.
- عن عبد الله بن الزبير قال: كنت يوم الأحزاب جُعلت أنا وعمر بن أبي سلمة في النساء فنظرت فغذا أنا بالزبير على فرسه يختلف إلى بني قريظة مرتين أو ثلاثًا فلما رجعت، قلت: يا أبت رأيتك تختلف، قال: أوَ هل رأيتني يا بُنيَّ؟ قلتُ: نعم قال: كان رسول الله ﷺ قال: منْ يأتِ بني قريظة فيأتيني بخبرهم؟ فانطلقت فلمَّا رجعت جمع لي رسول الله ﷺ أبويه فقال: فِداك أبي وأمي.
زهد الزبير بن العوام
- من المواقف الدالة على زهده رضي الله عنه عندما باع دارًا له بستمائة ألف، فقيل له يا أبا عبد الله غبنت أي خسرت قال: كلا والله لتعلمن أني لم أغبن هي في سبيل الله.
- وأيضًا ما قاله سعيد بن عبد العزيز: كان للزبير بن العوام ألف مملوك يؤدون إليه الخراج فكان يقسمه كل ليلة ثم يقوم إلى منزله وليس معه منه شيء.
قصة استشهاد الزبير بن العوام
- في يوم معركة الجمل، وبعد أن رأى الحق في الخروج مع السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها للمطالبة بدم عثمان، قابله علي بن أبي طالب، وتحدث معه طويلًا، ظهر له بعده أن خروجه لم يكن صوابًا وأدرك أن الحق هو نفض يديه من القتال، وعدم المشاركة في هذه الفتنة مهما كانت الأسباب والدوافع.
- وما لبث الزبير رضي الله عنه أن عاد من فوره إلى داره، وتبعه أحد الفاسقين، وتربص به حتى قتله غدرًا فتوفى شهيدًا.
- وعند موته قال الزبير لولده: يا بني، إن عجزت عن شيء من ديني فاستعن بمولاي، فقال له ولده: من مولاك؟ قال: الله. قال عبد الله: فما وقعت في كربة من دين أبي إلا قلت: يا مولى الزبير اقضِ عنه، فيقضيه.
- توفى رضي الله عنه سنة ست وثلاثين من الهجرة عن عمر يناهز سبعًا وستين سنة.
- وعند علم علي بن أبي طالب رضي الله عنه بمقتله بكى كثيرًا وقال: بشروا قاتله بالنار وحين أدخلوا عليه سيف الزبير قام الإمام علي وأخذ يمعن في البكاء وهو يقول: سيف طالما والله جلا به صاحبه الكرب عن رسول الله ﷺ.
وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية الحديث عن الصحابي الجليل الزبير بن العوام بعد أن تناولنا جانبًا من حياته رضي الله عنه، فسلام الله على الزبير في مماته بعد محياه، سلام الله عليه ثم سلام على حواري رسول الله ﷺ.
اقرأ أيضًا: