جبران خليل جبران شاعر وأديب وقاصٍ وفنان عربي الأصل لبناني المنشأ، وأحد كبار الأدباء الرمزيين وأحد رواد النهضة في الأدب العربي، هاجر صبيًا مع أسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية فقضى هناك معظم عمره كما حصل على الجنسية الأمريكية، بالرغم من ذلك فإنه حافظ على هويته العربية وأصله اللبناني حتى موته، وفي هذا المقال سنسلط دائرة الضوء على بعض الفترات في حياة جبران خليل جبران.
جبران خليل جبران
اسمه
- جبران بن خليل بن ميخائيل بن سعد، وهو من حفدة يُوسُف جبران الماروني البشعلاني.
مولده
- ولد جبران خليل جبران في السادس من شهر يناير عام ألف وثمان مئة وثلاث وثمانين، في بلدة “بشرى”، الواقعة شمالي لبنان وقت متصرفية جبل لبنان، في سوريَا العثمانية.
نشأته
- نشأ جبران خليل جبران في أسرة مسيحية مارونية فقيرة كانت أمه تدعى “كاميلا رحمة ابنة الخوري عبد القادر رحمة” أنجبته وهي في الثلاثين من عمرها، وكان والده يعمل في رعي الماشية، بعد ذلك فقد والد جبران عمله بسبب كثرة الديون المتراكمة عليه وانصرافه إلى لعب الميسر وشرب الخمر، كما يحكى أنه كان غليظ الطباع فظًا لا يفوق من سكره، شديد القسوة على ولده منذ نعومة أظافره، وكان يعامل أفراد أسرته معاملة سيئة، بسبب ذلك كله لم يستطع جبران أن يتلقى تعليمه الرسمي في متصرفية جبل لبنان، وإنما اقتصر على تعلمه اللغة العربية والكتاب المقدس عن طريق كاهن القرية.
سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية
- وفي عام ألف وثمان مئة وواحد وتسعين تم مصادرة جميع ممتلكات والد جبران وإلقاء القبض عليه بتهمة الفساد المالي، وخلف من وراءه عائلة مشردة ما تجد المأوى.
- وبسبب أفعال والد جبران وتصرفاته الغير مسئولة اضطرت أسرته إلى الابتعاد عنه حتى بعد خروجه من السجن، ففي الخامس والعشرين من شهر يونيو لعام ألف وثمان مئة وخمسة وتسعين ترك جبران لبنان وهاجر مع أسرته إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهو في سنٍ صغيرة، واستقرت الأسرة في مدينة “بوسطن” في حي الصنيين (وكان من أقدم أحياء المدينة وأصغرها)، قام بطرس أخو جبران بفتح متجرًا صغيرًا، واشتغلت أمه بالخياطة.
- أما جبران فقد التحق بمدرسة قريبة من ذلك الحي ووضع في فصل خصصته إدارة المدرسة للمهاجرين حيث يتم التركيز على تعليمهم اللغة الإنجليزية، حينها بدأ في دراسة الأدب ومن هنا كانت مسيرته الأدبية، وبدأ الكتابة الأدبية باللغتين العربية والإنجليزية.
موهبة جبران خليل جبران في الرسم
- بالإضافة إلى التحاقه بالمدرسة بدأ جبران بالتردد على مؤسسة خيرية تعطي دروسًا في تعلم الرسم وتدعى “دنسيون هاوس”، وهناك برزت موهبته الفنية في الرسم والتي لفتت انتباه مساعدة اجتماعية ذات مكانة عالية تدعى “جيسي”، والتي عرفت جبران على صديقها “فريد هولاند داي” المصور المشهور والذي كان يدير دارًا للنشر في مدينة “بوسطن”.
- بدأ جبران بتصميم وتزيين الكتب وأغلفتها بالإضافة إلى رسم الصور الشخصية، ولقد ساعده “فريد هولاند داي” وقدم له الدعم الذي يحتاج إليه، بالإضافة إلى تقديم جبران إلى أصدقائه في نفس المجال، وفي عام ألف وثمان مئة وثمانية وتسعين تم استخدام إحدى رسوماته كغلاف لأحد الكتب.
- بعد تعرف جبران على “فريد هولاند داي” اندمج كثيرًا في وسطه الغربي وانشغل باللهم عن تلم الرسم وتحصيل العلم، مما أثار قلق أسرته نحوه، إلى أن قررت والدته إرساله إلى لبنان حيث بإمكانه العودة إلى التراث الشرقي وتعلم اللغة العربية.
لوحاته الفنية
اشتهر جبران خليل جبران كأديب أكثر منه رسامًا بالرغم من أن أعماله الفنية تبلغ سبع مئة عمل فني بل ويزيد شملت صورًا لأصدقائه (ويليام بتلر ييتس، وكارل يونغ، وأوغوست رودان)، وقد جمعت لوحاته بواسطة المتحف العربي للفن الحديث في الدوحة بدولة قطر، من لوحاته ما يلي:
- شارلوت تيلر.
- استحضار سلطانة تابت.
- رئيسة ميشلين والرسم الخطي لرأس سلطانة.
- بورتريه لأمين الريحاني.
- صورة ياميل.
- ماريانا جبران.
- صورة إميلي ميشيل.
- ماري هاسكل.
- فرنسيس مراش.
أسلوب جبران خليل جبران في الكتابة الأدبية
- لجبران خليل جبران فلسفته الخاصة في التعبير عن فكره، والتي تعتمد: (على وحدة الوجود والقوة البنّاءة للمحبة)، كما له أثره الجلي على الأدب العربي الحديث بأسلوبه المميز وتنوع الأفكار في كتاباته القصصية.
- ولم يقتصر جبران خليل جبران على لون أدبي واحد، حيث تنوعت كتاباته بين الرواية والقصة القصيرة، وكذلك المقالات ذات الفكرة الواضحة والتي تنوعت جوانبها بين الجانب الاجتماعي والسياسي والفكري والفلسفي، والقصائد النثرية، فيتلمس القارئ منه تنوعًا في التعبيرات والأساليب والآراء، فتارة تجده يميل إلى القوة والتأثير في الدين والعقائد والعادات، وتارة أخرى تجده يميل إلى اتباع الأهواء واللهو وحب الحياة.
- ولقد تميز جبران خليل جبران بإنتاجه الغزير وخياله الواسع، وتفكيره العميق، وأسلوبه السهل الذي يجمع بين الوجدان والصورة، كما يظهر في كتاباته تأثره الواضح بالطبيعة.
- ولقد استخدم جبران عدة أساليب متنوعة في الكتابة، منها: (الأسلوب القصصي، وأسلوب التأمل، والأمثال)، كما اتصف أسلوبه التعبيري بالرمزية التي دخلت في معظم كتاباته، ما عدا بعض الكتب، منها: (آلهة الأرض)؛ إذ يبدو فيها بعض الغموض.
- وقد ساهمت تجارب الحب التي عاشها جبران في تشكيل وإبراز عاطفته في الكتابة، فكان يؤمن بقوة الحب التي لا يستطيع أي إنسان مجابهتها أو السيطرة عليها، وكان يعطي للحب مكانة كبيرة على غرار الشعراء العذريين عند العرب والشعراء الرومانسيين عند الغرب.
- وقد تعددت علاقات جبران “الفاسق” مع النساء، حيث وقع في حب اثنتا عشرة امرأة من بينهن تسع سيدات أعمارهن تتجاوز عمره، من هؤلاء النسوة: (جوزفين بيبودي، وحلا الظاهر، وسلطانة ثابت، وماري هاسكل، وإميلي ميشال، وشارلوت تايلر، وماري قهوجي، وماري خوري، وجيتريد باري، وبربارة يونج، وماريتا لوسن، وهيلانة غسطين، ومي زيادة، كورين روزفلت “أخت الرئيس الأمريكي آن ذاك”).
- هناك العديد من شعراء العرب السوريين واللبنانيين الذين ساروا على خطى جبران والتفوا حوله، أمثال: (ميخائيل نعيمة، وعبد المسيح حدَّاد، ونسيب عريضة)، واجتمعوا معًا وأنشئوا ما أطلقوا عليه “الرابطة القلمية” وذلك في عام ألف وتسع مئة وعشرون ميلاديًا، وقد اتفقوا جميعهم على تقليد جبران منصب عميد الرابطة، فكان هدفهم من وراء ذلك تجديد الأدب العربي وإدخال عليه بعض المستحدثات.
مؤلفات جبران خليل جبران
- آلهة الأرض.
- البدائع والطرائف.
- السابق.
- الأجنحة المتكسرة.
- الأرواح المتمردة التي تضم مجموعة من القصص، وهي: (وردة الهاني، صراخ القبور، ومضجع العروس، خليل الكافر).
- العواصف.
- النبي.
- دمعة وابتسامة.
- رمل وزبد.
- مناجاة أرواح.
- يسوع ابن الإنسان.
- قصيدة المواكب.
- التائه.
- حديقة النبي.
- الشعلة الزرقاء.
- رسائل جبران.
- لعازر وحبيبته.
- المكفوف (مسرحيتان).
- المجنون.
- بلاغة العرب.
- عرائس المروج وتضم ثلاث قصص واقعية، وهي: الأولى: (رماد الأجيال والنار الخالدة)، والثانية: (مرتا البانية)، والثالثة: (يوحنّا المجنون).
أجمل أقوال جبران خليل جبران
- أنت أعمى، وأنا أصم أبكم، إذن ضع يدك بيدي فيُدرك أحدنا الآخر.
- بعضنا كالحبر وبعضنا كالورق، فلولا سواد بعضنا لكان البياض أصم، ولولا بياض بعضنا لكان السواد أعمى.
- العقل إسفنجة، والقلب جدول، أفَليس بالغريب أنّ أكثر الناس يُؤثرون الامتصاص على الانطلاق؟
- ليست حقيقةُ الإنسان بما يظهرهُ لك، بل بما لا يستطيع أن يظهرهُ. لذلك إذا أردت أن تعرفه، فلا تُصغِ إلى ما يقوله، بل إلى ما لا يقوله.
- نصف ما أقوله لك لا معنى له، ولكنني أقوله ليتم معنى النصف الآخر.
- الحقيقي فينا صامت، ولكن الاكتسابي ثرثار.
- مع أنّ أمواج الألفاظ تغمرنا أبدًا، فإنّ عمقنا صامتٌ أبدًا.
- ليس الشعر رأيًا تُعبّر الألفاظُ عنهُ، بل أنشودة تتصاعدُ من جرحٍ دامٍ أو فم باسمٍ.
- منبر الإنسانية قلبها الصامت لا عقلها الثرثار.
- الوحدة عاصفة هوجاء صمّاء تُحطِّم جميع الأغصان اليابسة في شجرة حياتنا، ولكنها تزيد جذورنا الحيِّة ثباتًا في القلب الحيِّ للأرض الحيّة.
- إنّما الرجل العظيم ذلك الذي لا يسود ولا يُساد.
- لا تستطيع أن تضحك، وتكون قاسيًا في وقتٍ واحد.
- لا يُدرك أسرار قلوبنا إلّا من امتلأت قلوبهم بالأسرار.
- إذا تعاظم حزنك أو فرحك صَغُرَت الدنيا. ليس من يصغي للحق بأصغر ممّن ينطق بالحق.
- يقولون لي: لو عرفت نفسك لعرفت جميع الناس، فأقول لهم: ألن أعرف نفسي أولًا، حتى أعرف جميع الناس.
- ما أشبه بعض أرواح الناس بالإسفنج، فإنّك لا تستقطر منها إلّا ما امتصته منك أنت.
- جميل أن تُعطي من يسألك ما هو في حاجة إليه، ولكن أجمل من ذلك أن تُعطي من لا يسألك وأنت تعرف حاجته.
- إنّ أيامنا مثل أوراق الخريف تتساقط وتتبدد أمام وجه الشمس.
- إنّ ما تشعرون به من ألم هو انكسار القشرة التي تغلف إدراككم، وكما أنّ قشرة النواة الصلدة يجب أن تتحطم، وتبلى حتى يُبرز قلبها من ظلمة الأرض إلى نور الشمس، هكذا أنتم أيضًا يجب أن تُحطم الآلام قشوركم قبل أن تعرفوا معنى الحياة.
- إنّ القلب بعواطفه المتشبعة يُماثل الأرزة بأغصانها المتفرقة، فإذا ما فقدت شجرة الأرز غصنًا قويًا تتألم، ولكنها لا تموت، بل تُحول قواها الحيوية إلى الغصن المجاور لينمو ويتعالى، ويملأ بفروعه مكان الغصن المقطوع.
- ربما عدم الاتفاق أقصر مسافة بين فكرين.
- لقد تعلمت الصمت من الثرثار، والتساهل من المتعصِّب، واللطف من الغليظ، والأغرب من كل هذا أنّني لا أعترف بجميل هؤلاء المعلّمين.
- إذا كنت لا ترى إلّا ما يُظهرهُ النور، ولا تسمع إلا ما تُعلنهُ الأصوات بالحقيقة لا ترى ولا تسمع.
- ما أنبل القلب الحزين الذي لا يمنعه حزنه على أن ينشد أغنيةً مع القلوب الفرحة.
- يغمسون أقلامهم في دماء قلوبنا ثمَّ يدَّعون الوحي والإلهام.
وفاة جبران خليل جبران
- مات جبران خليل جبران في نيويورك في العاشر من شهر أبريل لعام ألف وتسع مئة وواحد وثلاثون ميلاديًا وهو في الثامنة والأربعين من عمره، حيث تفشى داء السل في أسرته فردًا تلو الآخر، حتى أصابه مع تليفٍ أصاب الكبد فمات على إثره، ودفن في نيويورك، ولكن وفقًا لوصيته التي تمنى فيها أن يدفن في لبنان فقد تم نقل رفاته إليها ودُفِنَ هناك وذلك في عام ألف وتسع مئة واثنان وثلاثون ميلاديًا في مكان يُعرَفُ الآن باسمِ متحف جبران.
وختامًا، تناولنا في هذا المقال الحديث عن “جبران خليل جبران”، في البداية قمنا بعرض بعض التفاصيل حول حياته من حيث نسبه ومولده ونشأته، ثم توجهنا بالحديث نحو تفاصيل سفره إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ومنها انتفقلنا للحديث عن موهبته بالرسم، مرورًا بالحديث عن أسلوبه في كتاباته الأدبية مع ذكر بعض من أسماء لوحاته ومؤلفاته ومقولاته المشهورة، ختامًا بوفاته.
اقرأ أيضًا: