سعد بن أبي وقاص اسم يتردد على ألسنة المسلمين كثيرًا في الماضي والحاضر، وسيبقى يتردد في المستقبل، وهو من العشرة الذين بشرهم رسول الله ﷺ بالجنة، وهو من أعلام الصحابة، وكرام المهاجرين من السابقين الأولين، أحبه المسلمون، والتفوا حول قيادته المظفرة، ولا يزال اسمه مقترنًا بأحداث التاريخ الإسلامي، فهو أول من أوذي بسبب إسلامه، وأول من أراق دمًا في الإسلام، وأول من رمى بسهم من المسلمين في سبيل الله، وهو محطم عروش الأكاسرة وفارس الإسلام.

سعد بن أبي وقاص (نسبه)

  • هو سعد بن أبي وقاص بن وُهيب بن عبد مناف بن زُهرة بن كِلاب القرشي الزهري.
  • وأمه حَمنة بنت سفيان بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصي.
  • رُزق سعد بن أبي وقاص بسبعة عشر ذكرًا، وثماني عشرة أنثي.

إسلام سعد بن أبي وقاص

  • أسلم سعد بن أبي وقاص في السابعة عشر من عمره، وهاجر إلى المدينة وآخى رسول الله.
  • وهو خامس من أسلم وقيل أنه كان سابعهم.
  • وقد روى في سبب إسلامه عن عائشة بنت سعد بن أبي وقاص أن أباها قال لها: رأيت في المنام قبل أن أُسلم كأني في ظلمة لا أبصر شيئًا، إذ أضاء لي قمر فاتبعته فكأني أنظر إلى من سبقني إلى ذلك القمر فأنظر إلى زيد بن حارثة وإلى علي بن أبي طالب وإلى أبي بكر، وكأني أسالهم، متى انتهيتم إلى هنا؟ قالوا: الساعة، وبلغني بعد ذلك أن رسول الله ﷺ يدعو إلى الإسلام مستخفيًا فلقيته في شعب أجياد وقد صلى فأسلمت فما تقدمني أحدهم.

مناقب سعد بن أبي وقاص

  • قال أبو المنهال: سأل عمر بن الخطاب عمرو بن معد يكرب عن سعد بن أبي وقاص فقال: متواضع في خبائه، عربي في نمرته (عباءته)، أسد في تاموره (عرين الأسد، وهو بيته الذي يأوي إليه)؛ يعدل في القضية، ويقسم بالسوية، ويبعد في السرية، ويعطف علينا عطف الأم البرة، وينقل إلينا حقنا نقلة الذرة.
  • قال عمر بن الخطاب: والله لوددت أني خرجت منها كفافًا، لا عليَّ، ولا لي وأن صحبة رسول الله ﷺ سلمت لي، ولو أن لي طلاع الأرض ذهبًا لافتديت به من هول المطلع، وقد جعلتها شورى في عثمان وعلي وطلحة والزبير وعبد الرحمن بن عوف وسعد.
  • عن سعد قال: كنا مع النبي ﷺ سِتة نفر فقال المشركون للنبي ﷺ: اطرد هؤلاء لا يجترئون علينا. قال وكنت أنا وابن مسعود ورجلٌ من هُذيلٍ وبلالٌ ورجلان لستُ أُسميهما فوقع في نفس رسول الله ﷺ ما شاء الله أن يقع فحدَّث نفسه، فأنزل الله عز وجل: “ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه”.
  • عن سعد بن أبي وقاص قال: عادني النبي ﷺ عام حَجة الوداع من مرض أشفيت منه على الموت، فقلتُ: يا رسول الله بلغ بي من الوجع ما ترى وأنا ذو مالٍ ولا يرثُُني إلا ابنةٌ لي واحدة، أفأتصدق على بثُلثي مالي قال لا، قال: فأتصدق بشطره؟ قال: الثُلثُ يا سعد والثلث كثير؛ إنك إن تذر ذُريتك أغنياء خيرً من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
  • عن جابر بن عبد الله قال: أقْبل سعد بن أبي وقاص فقال النبي ﷺ: هذا خالي فليُرني امرؤ خالَهُ.
    • قال الترمذي: كان سعد بن أبي وقاص من بني زُهرة، وكانت أم النبي ﷺ من بني زُهرة، فلذلك قال النبي ﷺ هذا خالي.
  • قال عمرو بن ميمون: لما أُصيب عمر بن الخطاب، جعل الله شورى في الستة، وقال من استخلفوه فهو الخليفة بعدي، وإن أصابت سعدا، وإلا فليستعين به الخليفة بعدي، فإنني لم أنزعه، يعني عن الكوفة، من ضعف ولا خيانة.
  • عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله ﷺ: “أبو بكر في الجنة وعمر في الجنة وعثمان في الجنة وعلىًّ في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة، وسعيد في الجنة، وأبو عبيدة بن الجراح في الجنة”.

جهاد سعد بن أبي وقاص

  • شهد سعد بن أبي وقاص العديد من الغزوات حيث شهد بدرًا وأحدًا، وثبت يوم أحد مع رسول الله ﷺ، وشهد الخندق وخيبر والحديبية وفتح مكة، وكانت معه إحدى رايات المهاجرين الثلاث،  وشهد المشاهد كلها مع رسول الله ﷺ وكان من الرماة المشهورين من أصحاب رسول الله ﷺ.
  • روى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت: سهر رسول الله ﷺ مَقْدَمَهُ المدينة ليلةً، فقال: ليت رجلًا صالحًا من أصحابي يحرسني الليلة، قالت فبيْنما نحن كذلك سمعنا خشخشة سلاح، فقال من هذا؟ قال: سعد بن أبي وقاص فقال له رسول الله ﷺ ما جاء بك؟ قال: وقع في نفسي خوفٌ على رسول الله ﷺ فجئتُ أحرسه فدعا له رسول الله ﷺ ثم نام.
  • عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: إني لأول العرب رمى بسهمِ في سبيل الله، وكنا نغزو مع النبي ﷺ وما لنا من طعام إلا ورق الشجر.
  • عن سعد بن أبي وقاص أن النبي ﷺ جمع له أبويه يوم أحد، قال كان رجلٌ من المشركين قد أحرق المسلمين فقال له النبي ﷺ: ارْم فداك أبي وأمي، قال فنزعتُ له بسهم ليس فيه نصلٌ، فأصبت جنبه فسقط فانكشفت عورته فضحك رسول الله ﷺ حتى نظرتُ إلى نواجذه.
  • قال ابن إسحاق: كان أصحاب رسول الله ﷺ إذا صلوا، ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر من أصحاب رسول الله ﷺ في شعب من شعاب مكة، إذ ظهر عليهم نفرٌ من المشركين وهم يصلون فناكروهم وعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم فضرب سعد بن أبي وقاص يومئذٍ رجلًا من المشركين بلَحى (عَظْم) بعير فشجه فكان أول دَم أُهريق في الإسلام.

بعض مواقف سعد بن أبي وقاص

  • كان سعد بن أبي وقاص مُحب للأنصار ومن المواقف الدالة على ذلك عندما قال عامر بن سعد بن أبي وقاص: قلت لأبي: يا أبت! إني أراك تصنع بهذا الحي من الأنصار شيئًا ما تصنعه بغيرهم؟ فقال: أي بني هل تجد في نفسك من ذلك شيئًا؟ قال: لا، ولكن أعجب من صنيعك! قال إني سمعت رسول الله ﷺ يقول: “الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن ولا يبغضهم إلا منافق”.
  • ومن المواقف الدالة على زهد سعد بن أبي وقاص، عندما قال: رد رسول الله كان سعد بن أبي وقاص على عثمان مظعون التبتل، ولو أذن له ل اختصينا.
  • ومن المواقف الدالة على ورع سعد بن أبي وقاص عندما قال طارق بن شهاب: كان بين خالد بن الوليد وسعد خلافات، فذهب رجل يقع في خالد (يغتابه) عند سعد فقال: إن ما بيننا لم يبلغ ديننا.

موقف سعد بن أبي وقاص في حروب الفتنة

  • اعتزل سعد بن أبي وقاص الفتنة، فلم يحضر موقعة الجمل ولا صفين ولا التحكيم.
  • قال أيوب السختياني: اجتمع سعد بن أبي وقاص وابن مسعود وابن عمر وعمار بن ياسر، فذكروا الفتنة فقال سعد: أما أنا فأجلس في بيتي ولا أدخل فيها.
  • جاء هاشم بن عتبة بن أبي وقاص إلى عمه سعد فقال: ههنا مائة ألف سيف يرونك أحق بهذا الأمر فقال: أريد منها سيفًا واحدًا إذا ضربت به المؤمن لم يصنع شيئًا، وإذا ضربت به الكافر قطع.
  • قال محمد بن سيرين: قيل لسعد بن أبي وقاص: ألا تقاتل فإنك من أهل الشورى وأنت أحق بهذا الأمر من غيرك؟ فقال: لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان ولسان وشفتان، يعرف المؤمن من الكافر، فقد جاهدت وأنا أعرف الجهاد.

وفاة سعد بن أبي وقاص

توفي سعد بن أبي وقاص في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، عن يناهز 82 عامًا، فحمل على رقاب الرجال إلى المدينة وصلى عليه مروان بن الحكم وكان والي المدينة حينها، ثم صلى عليه أزواج النبي ﷺ في حجرهن ودفن بالبقيع، وكان قد أوصى أن يُكفن في جبة صوف له كان لقى المشتركين فيها يوم بدر.

وإلى هنا نكون قد وصلنا إلى نهاية الحديث عن الصحابي الجليل، والمؤمن التقي، والقائد الشجاع، سعد بن أبي وقاص قاد المسلمين في أكبر المواقع وأزال مملكة من أعظم الممالك، بصدقه وإيمانه وتضحيته بكل شيء في سبيل الله، فكان النصر حليفه، وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم.

اقرأ أيضًا:

Leave a Comment