عمر بن الخطاب ذلك الصحابي الذي تحاكي التاريخ عنه وعن إنجازاته، شهد له رسولنا الكريم محمد ﷺ بالشهادة والجنة، وأخبر أن الله تعالى جعل الحق على لسانه وقلبه، ولئن أردنا أن نتحدث عن هذا البطل من تاريخ حافل بالعظائم، مليء بالمفاخر، فدون ذلك صحائف تفنى، فلقد كان عظيمًا بكل ما في العظمة من معاني، وإن تعجب من شيء فعجبك من شخص يغزو ما يقارب نصف العالم، وينتشر بجيوشه في قلب أوروبا وآسيا وأفريقيا فيحطم عروش ملوكها، وما إلى ذلك من الفتوحات والإنجازات والمواقف العظيمة التي سنتناولها في هذا المقال.
نشأة عمر بن الخطاب
-
مولده واسمه
- وَلد الصحابي عمر بن الخطاب بعد عام الفيل بثلاث عشرة سنة.
- هو عمر بن الخطاب بن نُفيل بن عبد العُزَّى بن رياح بن عبد الله بن قُرط بن رَزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب القُرشي العدويُّ.
- لقب بالفاروق، لأنه أظهر الإسلام بمكة ففرَّق الله به بين الكفر والإيمان.
-
وصفته الخَلْقية
- كان رضي الله عنه رجلًا شديد الطول، حيث كان يفوق الناس في الطول.
- كان رجلًا جسيمًا، وكان أبيض البشرة، شديد الحُمرة.
- كان قويًا شديدًا، إذا مشى أسرع ووطئ الأرض وطئًا شديدًا.
- جَهْوَري الصوت يصيح الصيحة فيكاد من يسمعها يصعق ويُغشى عليه.
صفات عمر بن الخطاب
بالإضافة إلى الصفات الجسدية التي تحلى بها عمر رضي الله عنه، فقد تحلى أيضًا بالكثير من الصفات الخلقية والنفسية التي بلغت به هذه المرتبة والمكانة، ويمكن إجمال الصفات الخلقية لعمر رضي الله عنه في الآتي:
عدل عمر رضي الله عنه
- لم يعرف التاريخ قديمًا ولا حديثًا رجلًا عادلًا كعمر بن الخط\طاب رضي الله عنه، حاكمه الناس واحتكموا إليه فأنصفهم، لم تأخذه في الحق لومة لائم.
- وتظهر غاية عدله رضي الله عنه عندما قُتل أخوه “زيد بن الخطاب” في معركة اليمامة على يد أحد الأشخاص الذي أسلم بعد ذلك، وجاء في خلافة عمر إلى المدينة، فقال له عمر لو استطعت أن تغيب عني وجهك فإني لا أحبك، فسأله الرجل أو يمنعني ذلك حقًا؟ فقال عمر: لا، فاطمئن الرجل.
- لقد نقش في قلبه قول الرسول ﷺ “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته …..” فبينما كان عمر رضي الله عنه يعس في المدينة، يتفقد أحوالها وأهلها، وهو القائل لو عثرت بغلة في ضفاف دجلة في العراق لخشيت أن يسألني الله عنها لِمَ لمْ تسو لها الطريق يا عمر؟
تواضع عمر رضي الله عنه
- كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه مثلًا رائعًا في تواضعه، لم تفتنه عظمة الملك، وعز السلطان، فعاش طيلة حياته متواضعًا، يحس بإحساس أفراد المجتمع ويشعر شعورهم، فأحبوه وتعلقوا به.
- ومن تواضعه رضي الله عنه أنه عندما خرج في يوم حار واضعًا رداءه على رأسه، فمر به غلام على حمار، فقال: يا غلام! احملني معك، فوثب الغلام على الحمار، وقال: اركب يا أمير المؤمنين، قال: لا، أركب وأركب أنا خلفك، تريد تحملني على المكان الوطيء وتركب أنت على الموضع الخشن، فركب خلف الغلام، فدخل المدينة وهو خلفه والناس ينظرون إليه بدهشة.
أثر إسلام عمر بن الخطاب
لقد كان إسلام عمر رضي الله عنه فتحًا، وهجرته كانت نصرًا، وإمارته كانت رحمة، فبإسلامه رضي الله جهر النبي بالدعوة جهرًا تامًا في مكة، وترك بيت الأرقم مهد الدعوة الأولى، وكان (عبد الله بن مسعود) يقول: “ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم عمر فما أسلم قاتل قريشًا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه”.
بعض مناقب عمر بن الخطاب
- منها شهادة النبي ﷺ لعمر بالعلم النافع الذي أخذه عنه عليه الصلاة والسلام، ففي حديث عن حمزة عن أبيه أن رسول الله ﷺ، قال:”بينا أنا نائم شربت يعني اللبن حتى أنظر إلى الري يجري في ظفري فناولته أو في أظفاري ثم ناولت عمر قالوا فما أولته يا رسول الله قال: العلم”.
- ومن مناقبه أيضًا شهادة النبي ﷺ بقوة إيمان عمر، ومنها ما أخرجه البخاري بسنده في صحيحه عن سعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، قالا سمعنا أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “بينما راع في غنمه عدا عليه الذئب، فأخذ منها شاة فطلبه الراعي، فالتفت إليه الذئب فقال له: من لها يوم السبع، يوم ليس لها راع غيري، فقال الناس: سبحان الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فإني أومن بذلك، وأبو بكر، وعمر”.
- منقبة التحديث والتكليم، ومنها ما أخرجه البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ:”لقد كان فيما قبلكم من الأمم ناس محدثون فإن يكن في من أمتي أحد فإنه عمر”.
- بشارة النبي صلى الله عليه وسلم بالشهادة، أخرج البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: صعد النبي صلى الله عليه وسلم أحدًا ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله وقال:”أثبت فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان”.
- ومنها أن الله عز وجل أعز به المسلمين، فأخرج البخاري بسنده عن عبد الله قال “ما زلنا أعزة منذ أسلم عمر”.
أهم أعمال عمر بن الخطاب
لقد كان عهد عمر رضي الله عنه حافل بالإنجازات والأعمال التي من أبرزها:
- جمع القرآن الكريم.
- توسيع المسجد الحرام.
- تعمير المسجد النبوي.
- التطوير العمراني.
- افتتح بيت مال للمسلمين.
- إنشاء نظام للدواوين.
- وضع نظام للقضاء.
- إنشاء التقويم الهجري.
اقرأ أيضًا: من أهم المساجد التي بناها المسلمون
أهم فتوحات عمر بن الخطاب
شهدت الأمة الإسلامية في عمر رضي الله عنه العديد من الفتوحات ومن أبرز هذه الفتوحات:
- فتح دمشق.
- فتح حمص وبعلبك.
- فتح الشام.
- فتوح العراق.
- فتح الأرْدُنّ.
- فتح بيت المقدس.
- فتح مصر.
- فتح البصرة.
- فتح نهاوند.
- فتح السوس.
- مدن فارس.
نتائج وآثار الفتوحات الإسلامية
أثر الفتح الإسلامي على العالم بأجمه، وقد كان من أبرز نتائجه:
- شعور المسلمين بالقوة والأمن والرخاء.
- ازدهار البلاد الإسلامية.
- الحرية وعدم الإكراه على الدخول في الإسلام.
- القضاء على الإمبراطورية الفارسية وطرد الروم.
- رفع العبء الاقتصادي عن الناس وإقامة الأمن والنظام.
- الارتقاء في التجارة والزراعة والعلم والاقتصاد.
وفاة عمر بن الخطاب
لقد ملأ عمر رضي الله عنه الحياة نورًا وعدلًا، وغدت الحياة في عصره مليئة بالبهجة والسعادة، فالعرب الذين كانوا لا يعرفون إلا رحلتي الشتاء والصيف، أصبحوا بفضل الإسلام رسل حضارة، والذين كانوا يخشون الفرس والروم أصبحوا سادة الفرس والروم، ودانت لهم دولتاهما، وامتد سلطان المسلمين على مساحة شاسعة من الأرض فضمت مصر وسوريا وفلسطين والعراق وأرض فارس، وتمتع المسلمين بالرخاء وتمتع أهل الذمة بالأمن والأمان وأصبح الجميع يعيشون بلا خوف من ظلم يهاجم حياتهم، وهكذا أوشكت حياة هذه الشخصية العظيمة على الغروب بعد أن أضاءت الدنيا، ورسمت طريقًا للعزة والكرامة تاركًا أعظم مثل، ويظهر تواضعه وعفته رضي الله عنه في قوله لابنه اقتصد في كفني فإنه وإن كان لي من عند الله خير أبدلني ما هو خير منه، وإن كنت على غير ذلك سلبني فأسرع سلبي، واقتصد في حفرتي، فإن كان لي عند الله خير واسع لي فيها مَدّ بصري، ولإن كنت على غير ذلك ضيقها علي حتى تختلف أضلاعي، ولا تذكروني بما ليس في، فإن الله أعلم بي فإذا أخرجتم فأسرعوا في المشي فإنه إن كان لي عند الله خير قدمتوني إلى ما هو خير لي، وإن كنت على غير ذلك ألقيتم عن رقابكم شرًا تحملونه، ولقد رحل أمير المؤمنين رضي الله عنه في يوم الأربعاء الموافق 23 هجري، ودفن بجانب سيد البشر محمد رسول الله ﷺ وصاحبه أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وبهذا نكون قد انتهينا من عرض نبذة بسيطة من حياة الصحابي عمر بن الخطاب فهو أهل لكل محبة وتقدير، وأهل لأن يُفتدى به، فمرآة كل أمة رجالها وأعلامها، بهم تفخر الأمم، وبهم تسمو سماء المجد.
اقرأ أيضًا: سيرة خالد بن الوليد (سَيفُ اللهِ المسلول)